قالوا عنّا
شوشي والدة ياسمين إحدى الطفلات في الجمعيّة.
"خمانِيوت" هي بيت دافئ، مكان آمن وحاضِن حيثُ يمنح ابنتي الفرصة لتكون فتاة عادية مرّة واحدة في الأسبوع، الفتاة التي توفي والدها هي مثلها مثل الآخرين في المجموعة وليست مختلفة عنهم. لا أعرف ما يفعلونه هناك في الجمعيّة بالضبط. أعرف أنهم يلعبون، يتحدّثون، أحيانا تعود مع رسالة تلَقَّتها من شخص ما، وأحيانا مع أشياء كتبتها عن نفسها، وأعمال إبداعية تُعبِّر من خلالها عن أفكارها. أحيانا تشاركني بكلّ ما تفعله هناك وأحيانا تكتفي بالقول بأنه كان مُمْتِعًا بالنسبة لها وأنها تنتظر يوم الأربعاء القادم بفارغ الصبر.
أحبّ ساعات ما بعد الظهر من كلّ يوم أربعاء حيث آخذها إلى الجانب الآخر من المدينة، المكان الذي يحضنها بكل الحب والحنان، المكان الحاضن والدافئ حيث تستطيع أن تتحدّث بحريّة وصراحة مع الأولاد الآخرين حول الأمور الهامّة بالنسبة لها، وأمور لا تستطيع الحديث عنها مع أولاد آخرين ليسوا بمثل وضعها لأنهم لن يفهموها.
أشعر أنّ بالإضافة إلى الساعات الرائعة التي تقضيها في الجمعيّة، ياسمين تستوعب وتتعامل مع ما حدث لها وكيفية أَثَرَه على حياتها. جمعية " خمانِيوت" تمنحها القوّة، الأمان والشعور بقيمة الذات والتي هي أمر مهم لكل طفل، وخاصّة للطفل الذي تحطّمت لديه الحماية الأبويّة.
تقول نيطاع إحدى مرشدات الجمعيّة: " بعد وفاة والدتي شعرت بأن الحياة استمرت بدوني. في "خماِنيوت" فُزْتُ بمجموعة تشبهني، حصلتُ على أدوات تساعدني على التأقلم مع الموت، يوجد هنا أمان وإصغاء لا نجدهما في مكان آخر، بإمكاني أن أغلق الدائرة ومساعدة ياسمين، إحدى الطفلات لدي.

نوعا حِن مؤسسة فرع تل أبيب
أهلًا وسهلًا، إذا وصلتم إلى هنا فهذا يعني إنكم تصنعون شيئًا جميلًا من أجلكم ومن أجل الآخرين.
أنا هنا لأحدِّثكم عن الجزء الكبير والعظيم لجمعيّة " خمانِيوت" وتأثيره على حياتي وحياة الآخرين.
تشرفتُ بلقائكم، أنا نوعا حِن، تَيَتّمْتُ في سِنِّ الرابعة، توفي والدي جرّاء نوبة قلبية، بسبب عدم توفر العنوان المناسب لي حينها، نجحتُ بإنشاء وتركيز فرع "خمانِيوت" في تل أبيب.
في البداية كان ينتابني شعور مُفعمّ بالنشاط والرغبة ومترددة في ذات الوقت، في منح الأيتام الآخرين ما لم يمنحه لي أحد، وشعور بالخوف بسبب هذا التحدّي الكبير- إنشاء الفرع الرئيسي للجمعيّة! مع مرور الوقت، شعرت أن " خمانِيوت" تجعلني سعيدة وراضية. لقد كانت مرحلة ليست بالسهلة- الكثير من التأمل الذاتي العميق، حول تجربتي مع اليتم بمواجهة الصعوبات البيروقراطية المختلفة المتعلّقة في إقامة الفرع. ومع مرور الوقت بدأت تتشكَّل لدي مجموعة من الديناميكية الخاصّة والتي استمرّت حتى اليوم.
كانت مرحلتي الشخصّيّة مع " خمانِيوت" مرحلة طويلة من التقبل الذاتي. حيث بدأت أرى مدى إيماني بنفسي وبقدراتي الخاصّة- بفضل تأقلمي الشخصيّ مع اليتم وكيفيّة تعاملي معه وعلاقاتي مع المرشدين والأطفال. كانت مرحلة خاصّة جدًّا. خلقت لدي الكثير من حب الذات من خلال عملي في "خمانِيوت".
أؤمن- بأننا في " خمانِيوت" نحن نخلق تغييرًا فكريًّا في التقبل. نمنح مكانا للحب والقبول دون الشعور بالذنب، فرصة للحصول على الاحتواء، العناق والشرعية للمشاعر. المرحلة التي نمرّ بها وننقلها تمنح الشعور بأنني متساو وَمُمَيَّز في ذات الوقت، " خمانِيوت" تمنح حضنًا مُحِبًّا للأطفال الأيتام وتخلق إطارًا يُغَيِّر نظرة الطفل الذاتيّة لنفسه_ يتعلّم تقدير وحبّ ذاته، نجحنا في تعريف الكثير من الشباب الأيتام على جمعيّة " خمانيوت" الذين حصلوا على شرعيّة قبول أنفسهم واستكشاف مشاعرهم.
تقول مي إحدى الطفلات في "خمانِيوت" لقد كانت سنة مليئة بالمتعة والمرح. تعرفت على أولاد مثلي ولم أشعر بأنني مختلفة وشعرت بأن " خمانِيوت" بيتي الثاني. عادّة عندما أكون مع صديقاتي أو بصحبة أشخاص آخرين أشعر بأنني مختلفة. ولكن هناك شعرت بأنني أنتمي للعالم، ساعدتني "خمانِيوت" على فهم أن هناك أشخاص آخرين مثلي وأنني لست اليتيمة الوحيدة، وقد كنت تعيسة جدًّا لاعتقادي إنني اليتمية الوحيدة في العالم، شكرا جزيلًا لجمعيّة " خمانِيوت" لأنهم كانوا إلى جانبي وتفهمونني طوال عام كامل.
عنات مديرة مشروع "من كلا الجانبين"
مرحبا، أنا عنات، عمري 28 عامًا.
لدي زوج رائع، قِطّانِ اثنان، وانا يتيمة الوالدين.
توفيت أمّي وأنا في سِنِّ الحادية والعشرين، وتوفي والدي بعدها بسنة وأربعة أشهر- كلاهما تُوُفِيا بِسَبَبِ مرض السرطان.
السنة التي عقبت وفاة أبي كانت من أصعب سنوات حياتي، لم تكن الصعوبة فقط في وفاته والحزن الكبير الذي شعرت به، بل أيضًا في تغيير وضعي الاجتماعي فجأة، وجدت نفسي يتيمة، في الثانية والعشرين من عمري، بلا أحد أو مأوى ألجأ إليه، أحاول أن أجد طريقي في العالم، أن أكمل عملي وتعليمي، ولمواصلة أموري مع عدم الاعتياد، الشعور الأكثر صعوبة كان الشعور بالوحدة.
اُقْتلعت جذوري، لا يوجد مَن أخبره عن نجاحاتي وخذلاني في الامتحانات، ليس هناك من أخبره عن قبولي أو رفضي لمكان عمل جديد، وفي داخلي لم أكن شخصًا فخورًا بنفسه، ليس لدي شخص بالإمكان الإتكاء عليه، وبالإضافة إلى كلّ هذا، أصدقائي لم يفهموا ما أمرّ وأشعر به.
مرَ الزمن، وقد مرّرتُ بمرحلة علاجيّة وبدأت بالانفتاح على العالم. في هذا المكان بالتحديد بدأتُ بالنُّضج،
خطرت ببالي الكثير من الأفكار " لو كنت أعرف أشخاصًا آخرين فقدوا والديهم، تخيّلت مجموعة من الأشخاص الذين يفهمون بعضهم البعض دون أن يحكم أو يَشْفِق عليهم أحد. مكان بالإمكان أن يتحدّثوا فيه عن كلّ شيء.
بحثت عن مكانٍ كهذا لكن للأسف لم أجده. فقررت الانضمام إلى جمعيّة "خمانِيوت" وإنشاء مشروع " من كلا الجانبين".
أنشأنا مجموعة عبر منظومة " الفيسبوك"، عبرها يستطيع الشباب الذين فقدوا كلا الوالدين أن يجدوا بيتًا ومجتمعًا. مجتمع للشباب الذين فقدوا كلا الوالدين وتتراوح أعمارهم بين 18-40 سنة. يتضمن المشروع مجموعة افتراضيّة من جهة، ولقاءات دعم ولقاءات اجتماعيّة من جهة أخرى.
بفضل هذا المشروع أستطيع أن أبوح بما في قلبي في مجموعة مُغلقة، أعرف أنه من خلالها أستطيع أن أتحدّث عن الجوانب غير المريحة وعن الخسارة والفقدان. أشعر بأنني وجدت أخيرًا معنى لما حدث معي على المستوى الشخصيّ. بفضل موت والدي وما مرّرت به، أستطيع مساعدة الشباب الأيتام الآخرين ( وفي طريقي أساعد نفسي) وجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا وحيدين، وأن هناك مكان في العالم بمثابة بيت لهم.